28‏/07‏/2011

الهم في قصة يوسف عليه السلام


إثبات الهم و نفيه عن يوسف عليه السلام

  الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على معلم البشرية الخير محمد بن عبد الله و على آله
 و صحبه أجمعين ....و بعد....

  سورة يوسف عليه السلام كلها لحمة واحدة، طبعت بطابع الفترة الحرجة التي نزلت فيها . ففي الوقت الذي كان رسول الله-صلى الله عليه و سلم- يعاني من الوحشة و الغربة و الانقطاع في جاهلية قريش كان الله سبحانه يقص على نبيه الكريم قصة أخ له و هو يعاني صنوفاََ من المحن
 و الإبتلاءات التي توالت عليه. فمن السجن و العبودية و كراهية إخوته له إلى الغربة إلى مراودة امرأة العزيز له عن نفسه، إلى تحمل الإفتراءات و الاتهامات الباطلة .


 أما محنته مع امرأة العزيز فكانت من أصعب المحن و أشدها دبيباََعلى النفس. و شاء الله أن تشق هذه المحنة العصيبة بقوتها طريق النصر و النجاة. و تظهر ذروة هذه المحنة جلية في قوله تعالى :((و لقد همت به و هم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء و الفحشاء إنّه من عبادنا المخلصين)) .

و كانت هذه الآية موضع لخلاف المفسرين في تحديد معنى الهم و البرهان و إثبات الهم و نفيه عن يوسف عليه السلام. و من هنا لا بد من التعرض لبعض الجزئيات للوصول للرأي الأقرب إلى الصواب ،من بيان معنى الهم و مراتبه، و استعمال هذه الكلمة في القرآن و الحديث، و ذكر الروايات الواردة في بيان معناه و تحديد المقصود منه، و دور السياق و دلالاته في موافقة هذه المعاني أو ردها .

  هم بالأمر: إذا قصده و عزم عليه ، قال تعالى:((و هموا بما لم ينالوا)) براءة. (1)

 الهم: المقاربة من الفعل من غير الدخول فيه، تقول: هممت على فعل هذا الشيء، إذا أقبلت نفسك عليه دون أن تفعله.(2) و هو مرتبة من مراتب القصد، و مراتب القصد خمس :

((هاجس)) ذكروا ((فخاطر)) ((فحديث النفس)) فاستمعا يليه ((هم))((فعزم)) كلها رفعت سوى الأخير ففيه الأخذ قد وقعا.

و قال بعض العلماء أن الهم نوعان:هم ثابت معه عزم و عقد و رضا، و هو مذموم مؤاخذ به صاحبه، وهم بمعنى خاطر و حديث نفس، من غير تصميم و هو غير مؤاخذ به صاحبه لأن خطور المناهي في الصدور.(3)

1- استعمل الهم في القرآن الكريم في الآيات التالية: قال تعالى:((و هموا بإخراج الرسول))، وقال تعالى:((إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم))، و قال تعالى:((و همت كل أمة برسولهم ليأخذوه)).

 2- و في البخاري عن ابن عباس:((أن عيينة بن حصن قال لعمررضي الله عنه: هي يا ابن الخطاب: فوالله ما تعطينا الجزل، و لا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى(هم به)، فقال له الحر بن أخي عيينهة: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه و سلم :((خذ العفو و أمر بالعرف و أعرض عن الجاهلين))، و إن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر،حين تلاها عليه، و كان وقافا عند كتاب الله)).

3- قال الشاعر:

هممت و لم أفعل و كدت و ليتني                 تركت على عثمان تبكي حلائله.
 -((و لقد همت به،و هم بها))

 طول المفسرون في تفسير هذين الهمين، و نسب بعضهم ليوسف عليه السلام ما لا يجوز نسبته لآحاد الفساق(5). فقد لارووا أساطير كثيرة يصورون فيها يوسف هائج الغريزة مندفعاَََ شبقاََ، و الله يدافعه ببراهين كثيرة فلا يندفع.(6)وبهذا يكونون قد أثبتوا في حقه هماً محرماً، فيه معنى الإقبال على الفاحشة.(7)

و قال الطبري: قالت فرقة: كان هم يوسف مثل هم امأة العزيز.ليريه الله موقع العفو و الكفاية، و قيل الحكمة من ذلك أن يكون مثالاً للمذنبين.(8) .


وهذه الأقوال باطلة، و يدل على بطلانها قول يوسف في ما حكى القرآن عنه:((هي راودتني عن نفسي)).و لو كان ذلك منه لما برأ نفسه من ذلك.(9)

و من قال بهذه الأقوال لم يفطن إلى أن الزنا من منكرات الكبائر، و الخيانة في معرض الأمانة أيضاًمن منكرات الذنوب، و كذلك مقابلة الإحسان العظيم بالإساءة  الموجبة للفضيحة التامة والعار الشديد أيضاً من منكرات الذنوب التي دفع احتمال ورودها عن يوسف عليه السلام بقولهتعالى:((كذلك لنصرف عنه السوء و الفحشاء)).(10)


كما أنه لو صدر منه عليه السلام زلة أو هفوة لاستعظم ذلك و أتبعه بإظهار الندامة و التوبة و التواضع. و لو أتى بالتوبة لحكى الله تعالى عنه إتيانه بها  كما في سائر المواضع، و حيث لم يوجد شيء من ذلك علمنا أنه ما صدر عنه في هذه الواقعة ذنب و لا معصية.(11)

- و منهم من فرق بين الهمين قائلاً: همت به جلباً و هم بها دفعاً.(12)و همت بقتله و هم بقتلها.(13)

و هذا قول لا يتناسب مع دلالات النص. كما أن الضرر لا يزال بالضرر.

و يقول صاحب المنار: (و لقد همت به)  همت المرأة أن تبطش به لعصيانه أمرها.(14)

و قال القرطبي :اختلف العلماء في همه، و لا خلاف أن همها كان المعصية، و أما        يوسف لما رأى البرهان ما هم  ،وهذا لوجوب العصمة للأنبياء.(15)

و يقول الشعراوي: أن نفسه قد حدثته أيضاً و تساوى في حديث النفس ، لكن يوسف حدث له أن رأى برهان ربه.(16) و هم يوسف عليه السلام لا يمكن بحال أن يكون من نوع هم امرأة العزيز.(17) و يدل على الفرق بين الهمين جواز خروج  (و هم بها) من حكم القسم في قوله تعالى (و لقد همت به). و من حق القارىء إذا قدَّر خروجه من حكم القسم و جعله كلاماً برأسه أن يقف على (به)، و يبتدىءبقوله (و هم بها) و فيه إشعار بالفرق بين الهمين .(18)


**و السؤال الذي يحتاج إلى إجابة بعد ذكر هذه الإحتمالات ، هل وقع الهم حقاً من يوسف ؟؟؟

يقول أبو حيان : همت هي به و لم يقع منه الهم أصلاً.(19) و على هذا يكون في الآية تقديم و تأخير، و التقدير (لقد همت به و لولا أن راى برهان ربه لهم بها).(20)و قدم الجواب على شرطه للإهتمام به و لم يقرن الجواب باللام التي يكثر اقتران جواب (لولا) بها لانه ليس لازماً، و لأنه  لما قدم على لولا كره قرنه بالام قبل ذكر حرف الشرط. فيحسن الوقف على قوله (و لقد همت به) ليظهر معنى الإبتداء بجملة (وهم بها) واضحاً.  و بذلك يظهر أن يوسف عليه السلام لم يخالطه هم بامرأة العزيز لأن الله عصمه من الهم بالمعصية بما أراه من البرهان.(21)
و إذا قيل انه لو لم يوجد الهم لم يبق لقوله:(لولا أن رأى برهان ربه) فائدة، فنقول: بل به أعظم الفوائد، و هو بيان أن ترك الهم بها ما كان لعدم رغبته في النساء و عدم قدرته عليهن بل كان لما في نفسه من تقوى و مخافة لله.(22)


 -(( لولا أن رأى برهان ربه ))

 فما هو البرهان الذي رآه يوسف عليه السلام؟ و هل كانت رؤيته بصرية أم علمية؟؟

 (البرهان) في كلام العرب: الشيء الذي يعطي القطع و اليقين لأنه مما يعلم ضرورة أو بخبر قطعي أو بقياس نظري.(23)

(رأى): هذه الرؤيا إما أن تكون رؤية علمية، كما في قوله نعالى: ((ألم تر أنّا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزّا)) و قوله تعالى:((إنهم يرونه بعيدا و نراه قريبا)).

و من قال بأن الرؤية علمية ذهب إلى أن البرهان الذي رآه يوسف هو العلم الدال على تحريم ما حرمه الله.(24) أو شعوره بثقل فضل سيدته عليه و ثقل فضل سيده.(25)

و قيل برهان ربه: هو أن الضرر لا يزال بالضرر على أن الهم كان بالقتل.(26) أو هو حصول الأخلاق و تذكر الأحوال الرادعة عن الإقدام على المنكر، و قيل برهان ربه حجته الباهرة الدالة على كمال قبح الزنا و سوء سبله، و المراد برؤيته لها كمال إيقانه بها و مشاهدته لها.(27)أو هو فكرته في عذاب الله و وعيده على المعصية.


أما من ذهب إلى أن الرؤية رؤية بصرية فقد أورد عدة احتمالات ليست من الصحة في شيء، حتى بلغ الجهل ببعضهم أن يزعموا أن يوسف يم ير برهاناً واحداً بل رأى عدة براهين.من رؤية والده متمثلاً له منكراً عليه تكرار وعظه له، ومن رؤية بعض الملائكة و نزولهم عليه بأشد زواجر القرآن بآياتن من يوره فلم تنهه عن غيه حتى كان أن خرجت شهوته من أظافره, و معنى هذا أنه لم يكف إلا عجزاً عن الإمضاء.(28)

و من هذه الإحتمالات السقيمة:
1- أنه نودي يا يوسف أتزني فتكون كالطير وقع ريشه فذهب يطير فلا ريش له.

2- و قيل نودي يوسف فقيل له :أنت مكتوب في الأنبياء وتعمل عمل السفهاء .

3-و قيل مثل له يعقوب فضرب في صدره فخرجت شهوته من أنامله.(29)

4- و قيل كف من الارض خرجت دون جسد مكتوب عليها (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) أو غيرها فقد اختلفوا في المكتوب عليها.(30)


و هذا كلام باطل ، فالأنبياء عليهم السلام بعثوا لمنع الخلق من القبائح و الفضائح، فلو أنهم منعوا الناس عنها ثم أقدموا على أقبح انواعها و أفحش أقسامها لدخلوا تحت قوله تعالى:((يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله ان تقولوا وا لا تفعلون ))الصف. وكما و ان قصة يوسف من أحسن القصص في القرآن العربي المبين،ليقتدى بنبي من أنبياء الله ، و هذا ما يدل عليه قوله تعال:((نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن)) . فلا إسفاف في هذا الكتاب العزيز لأن القصد منه خلق أجيال مؤمنة قوية ، فلا بد من حسن انتقاء الموضوع و حسن اختيار اللفظ أو القالب الأسلوبي.(31)


**و هنا يجول في الخاطر تساؤل عن ما هو البرهان؟؟

فنقول أنه عندما حصل الموقف من جذب امراة العزيز ليوسف عليه السلام نحوها . ازداد عقله تيقظاً و بصيرته استنارة ،فقد ربي على الفضائل فلا تغلب هذه اللحظة تراث السنين.من أخلاق و نبوات وهو معنى (برهان ربه)أي أنها قوة خيرية في نفسه ، متأصلة فيها غير طارئة عليها . و الرؤية هنا علمية لان البرهان من المعاني التي لا ترى بالبصر.(32)

- (كذلك لنصرف عنه السوء و الفحشاء)

(الصرف): هو الحفظ من الوقوع فيما نهى الله عنه.و الصرف نقل شيء من مكان إلى مكان، و هو هنا مجاز عن الحفظ من حلول الشيء بالمحل الذي من شأنه ان يحل فيه. عبر به عن العصمة من شيء يوشك أن يلابس شيء، و التعبير عن العصمة بالصرف يشير إلى أن أسباب حصول السوء و الفحشاء موجودة و لكن الله صرفها عنه.(33)

- (السوء و الفحشاء)

قيل في معنى السوء و الفحشاء أنها الزنا و القتل.(34)

و قال الزمخشري : السوء، خيانة السيد و الفحشاء الزنا .(35)

و قال صاحب الظلال: السوء،الإستجابة النفسية للإغراء، و الفحشاء : الفعل الذي ينتهي إليه.(36)

 و السوء في معناه العام كل ما يعم الإنسان من الامور الدنيوية و الاحوال النفسية و البدنية و الخارجية.من فوات مال و فقد حميم و فعل قبيح، و هو اسم من ساءه ضد سره، قال تعالى:((من يعمل سوءاًيجز به))فالسوء كل عمل قبيح يسوء فاعله إذا كان عاملاً سليم الفطرة كريم النفس، أو يسوء الناس.

و الفحشاء: هي و الفحش و الفاحشة ألفاظثلاثة معناها واحد، و هو كل ما عظم قبحه من الأفعال ، و الأقوال.

و هذه الآية دليل صارف لكل ما نسب ليوسف عليه السلام من سوء ، فكل واحد من القتل و الزنا يقال له سوء و فحشاء . قال تعالى:((و لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة و ساء سبيلا)).(37)

لم يبقى شاهد في هذه القصة و في هذه السورة الكريمة من لغة و سياق وأبطال قصة إلا و شهدوا ببراءة يوسف عليه السلام مما نسب إليه. فكل من كان له تعلق بتلك الواقعة شهد ببراءة يوسف عليه السلام من المعصية.(38)و كل هؤلاء تضافروا على أن يوسف لم يحدث منه شيء.(39) فيوسف عليه السلام بذاته ادعى البراءة من الذنب في قوله عليه السلام فيما حكى القرآن عنه:((هي راودتني عن نفسي )) و قوله:(( رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه )).

و امرأة العزيز اعترفت بذلك بقولها :((و لقد راودته عن نفسه فاستعصم))

و قولها:((الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه و إنه لمن الصادقين)).

و زوج المرأة أقر بذلك و يدل على ذلك قوله فيما حكى عنه القرآن:((إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا و استغفري لذنبك)).
أما شهادة الله على براءة يوسف قوله تعالى:((كذلك لنصرف عنه السوء و الفحشاء إنه من عبادنا المخلصين)).(40)

- شهادة السياق:

 من الملاحظ أن القرآن الكريم قد قابل دواعي الغواية الثلاث التي جاهرت بها امرأة العزيزو المتمثلة بالمراودة، و تغليق الابواب، و قولها هيت لك بدواعي العفاف الثلاث التي رد بها عليها يوسف و المتمثلة في قوله(كما حكى القرآن عنه): (معاذ الله، إنه ربي أحسن مثواي، إنه لا يفلح الظالمون).(41)

- قوله تعالى :((إنه من عبادنا المخلصين ))

و المخلصين في القرآن الكريم تقرأ بالفتح و الكسر، بمعنى أن الإنسان لما أخلص دينه لله أخلصه الله لطاعته، فقد عصم نفسه، فعصمه الله باخلاصه.(42)و قوله تعالى :(من عبادنا المخلصين) فيها دلالة على أنه مخلص من جملة المخلصين.(43)و عباد الله الذين جعل يوسف منهم  ليس للشيطان عليهم سلطان، يقول تعالى:((إن عبادي ليس لك عليهم سلطان)). و هم المستثنون و المبعدون عن غواية الشيطان،يقول تعالى:((فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين)).(44)

- قوله تعالى:((و لما باغ أشده آتيناه حكماً و علما و كذلك نجزي المحسنين))
و يلفتنا في الآية أن الحكمة و العلم لا يؤتاها إلا من أحسن لله ونأتى بنفسه عن الرذائل و الشبهات.(45)

- قوله تعالى:((و يعلمك من تأويل الأحاديث))
هذه خصلة لا يؤتاها إلا ذو بصيرة نيرة أخلصت نفسها للروحانيات.(46)

- أما امرأة العزيز فقد جاء على لسانها أكبر كلمة تقال للتنزيه و هي (فاستعصم) في قوله تعالى :((و لقد راودته عن نفسه فاستعصم))أي امتنع عن الإستجابة و التجأ إلى الله تعالى ليحفظه من هذا المنكر .(47)


- دلالة اللغة:
- قال تعالى:((و لقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه))

إن أول ما يلمح هو أن الجزئية الخاصة بامرأة العزيزتتضمن اللام التي تفيد التوكيد،   

و (قد) التي تفيد التحقيق . بينما لا يوجد شيء من ذلك في الجزئية الخاصة بيوسف عليه السلام(48)

- قوله تعالى:((فصرف عنه كيدهن))
لم يقل سبحانه (صرفه عن كيدهن) لأن ليوسف عليه السلام من قوة الإرادة ما يجعل إزاحة الكيد عنه جزءاً إلهي يترتب على اعتصام يوسف أولاً.(49)

- قوله تعالى :((قلن حاشا لله ما علمنا عليه من سوء))

أكد النفي ب(من) و جيء ب(سوء) نكرة في سياق النفي ليدل على العموم، فمعناه ما رأينا عليه من سوء لا صغيراً و لا كبيراً ، و تنزه عن كل سوء تجاهنا و تجاه سيده.(50)

- قول امرأة العزيز كما حكى القرآن عنها:((أنا راودته عن نفسه))

تقديم (أنا) لإفادة الحصر، و هو حصر القلب لان الأمر كان دائراً بين مراودتها له  

و مروادته لها. أي أنا راودته عن نفسه و لم يراودني هو عن نفسي.(51)

- قوله تعالى:((كذلك لنصرف عنه السوء و الفحشاء))
و لم يقل لنصرفه عن السوء و الفحشاء فإنه لم يعزم عليها بل لم يتوجه إليها فيصرف عنها.(52)

- يقول ابن عاشور جملة (و لقد همت به) مستانفة استئنافاً ابتدائياً، و المقصود أنها كانت جادة في مراودتها لا مخبرة ، و المقصود من ذكر همها به التمهيد إلى ذكر انتفاء همه بها لبيان الفرق بينهما في الدين فإنه معصوم.(53)
و بهذه الشواهد يكون يوسف عليه السلام قد خرج من هذه المحنة مشهود له بالبراءة،

 و سورة يوسف سورة عظيمة يتلخص هدفها في آخر سطر فيها و هو قوله تعالى :((إنه من يتق و يصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)) فيوسف عليه السلام خير مثال للتقوى و مقاومة ملذات الدنيا و الصبر عليها.


27‏/07‏/2011

أطياف عالمي..


أطياف عالمي..

عشت عالمهم أكثر مما عشت روحي وعالمي

تتبعت خطى أرواحهم لحظة..بلحظة

و سرت مع أطيافهم خطوة...بخطوة

هكذا كانوا وما زالوا...عالمي بلا منازع

ولكن لكل طيف رحيل

يشده لعالم جديد

يآآآه لتلك الأطياف

ها أنا أراها بدأت الانطلاق في مشوارها الطويل..

لتخط لها عالماً جديداً...و مغامرات جديدة..

ها هي انطلقت لتبدأ برسم طريقها..

و ها هي عيناي ترقبها..بفرحة...و لهفة..و نسمة من حزن...

هل حان الفراق؟!..أظنه قد حان...ستنطلقون..

و ستبقى أطيافكم حية في عالم قلبي و جلسات فكري...سأذكركم

كلما ذكرت جمال عالمي و تألق روحي...سأذكركم كلما شعرت بذاك الشعور عندما كنت أنتفض خوفاً عليكم..شعور استئساد الأم..ذاك الشعور زرع في أعماق قلبي...كنتم الحياة لروحي و أنا أرقبكم...و الزاد لعمري وأنا برفقتكم...

أطياف عالمي

عهِدَت الروح لقياكم فبكل لحظة سألقاكم

أحبكم في الله

إليكِ..



إليكِ..

إليك يا روحاً تسري في جنباتنا إليك يا عنوان (نحن على قيد الحياة)...هل ساررتك النفس يوماً سرا...هل حدثتك بنبرةٍ فيها سرى الدمع الكتوم...هل أخبرتك بأننا ننزع من أرواحنا روحاً لنحيا وبأن أنفاس الصدور مكبلة عن السراح مع الطيور....عن التغريد عن المضي بروعة بين الزهور وأطياف أرواح الصفاء العابقة بأنسام العبير والعيون...مكبلة ؟!نعم تلك هي.. مكبلة؟! ولكن....
هي الحياة...هي المضي ...هي الصفاء ...هي العبير... هي الغدو هي الرواح...هي العطاء وهبات النسيم.. هي الشذى هي الندى هي النقاء المستنير...إن وجهت لفظ اللسان وما في الروح من عنفوان وما في القلب من حنين لترتوي من معين فرقان ربي العظيم...مودعة مفارقة عصف الصحاري والجفاف فلنستنر ونستمع صوت النذير المنطلق من سنفونية البشر وعزف العازفين.

26‏/07‏/2011

أي قسوةٍ تلك؟؟!


أي قسوةٍ تلك؟؟!

أي قسوة تلك التي حلت بدار قراري...أجري الحديث تلو الحديث...

و أرى جمود الصخر في أوصالي...و كأنَّ دنيا الدمع قد
استحال وصولها  لجفن عيني و مقلتي... و دوي أنَّات الصراخ باتت خنجراً  مترصداً في جوف صدري... أين الدموع؟؟! أين
أنَّات الصراخ؟؟  أينَ زفرات الحنين؟؟ تجمـدٌ قد حارَ فيه الصمت... متسائلاً متى يلين...

متى تعود اللهفة في أوصاله... لعالم الحنان و الأمن السكين... لأوراق الشجر... و ترنيم الطيور ... لأغصانٍ تمايلت تداعب 

      النسيم...و أطيارٍ ترقرقت دقات روحها بهمسها العليل ...         و صخرةٍ تجلدت كأنها تحمل آهات السنين ... و مع هذا لا تلين....

و تربة كأنها كفُ الحنان تضم اللاجئين لحضنها دون أن تشكو التعب ...تحبهم لأنهم منها و من ثم إليها عائدين...

صخر و صخر ثم صخرٌ قابعٌ في جوف نفسي.... و متى يلين؟؟؟
و الآه آثرت سجناً يكبلها ...و باتت في سكينتها كالطفل الطعين..


24‏/07‏/2011

ليتك لم تسرع بالرحيل...



كنت أظن العالم بأسره يوم ذهبي..تزخرفه ضحكات الطفولة..وتلونه همسات اللعب البريء


في عيون حالمة بعالم الجمال..تغفو بجفون تنتظر بشغف صحوة الفجر البهي لتنطلق ببريق روحها مسرعةً من تلك الشرفة المطلة على أفياء الأرض، و رفرفة حمائم السماء... و تنتشق بشوق عارم عبير يوم انطلاقٍ جديد..لفرحة وبسمةٍ جديدة..


روح مفعمة..قلب مزهر..


لسانٌ منطلق...متحرر من قيود الدهر


ما أسرع جريان أعذب كلمات تدق الوجدان على أوتاره ..كلمات..أطلقتها الروح إليه بعفوية مطلقة ليتغنى بحب الحياة.. وليحيا جنة الدنيا و نعيم التفاؤل..


ليته عاش ذلك الحلم الطويل بعالمٍ كيومٍ ذهبي في عيني طفل..


ليتك أيها اليوم الذهبي لم تسرع بالرحيل...

23‏/07‏/2011

رسالة من نور


رسالة من نور


                       فجاءَني بعد  الظلام       نور يؤنِس وحشتي


                    من فضل خالق الأكوان     فيه سلامةُ مهجتي


                      ينادي يا عبدَ الاله      شمِّر و قل يا جنتي


                     فسعدُكِ نفسي فهذه      رسالةٌ من خالقي

22‏/07‏/2011

أمواجٌ تتلاطم........


يوم جديد...و ما زالت الآلام تزيد..يومٌ جديد فيه العبيد و عيشُهم كالفصول أو كأحوال البحور؛ فموجٌ ساكنٌ لا يهتزُ للعويل في عالم المحن..سكَّانه نيام إلا عن العيش الرغيد، صخيبُ أصواتهم يملأُ المكان من نشوة الفرح..يترنحونَ من سكرة الضحك، و يُذهلون  حين تُملأُ البطون ..

هناك في إحدى الفصول..لا غيوم، لا مطر..و لا برقٌ و لا رُعود....

و آخرٌ على تلكَ الحدود تهزُّه الرعود..لتضربَ العيون..فتمطرُ الدموع...صخيبهم علا..و كأسهم قد امتلا...و البطون عُمِّرِت...لكن بماذا يا تُرى؟؟!!
فكل صرخةٍ هناك من فم الألم، و شراب كؤوسهم دَمٌ قد انهمر..و عمَارُ البطون كان بالهموم، فالهم طفلٌ قد نما حتى غدا وليداً على كُفوفِ أمه يرضَعُ الأحداث ..حتى يُركِّز وطأه و يرسُم الصور على تلك الجدار و حولها إطار يزلزل الأسوار لأنَّه الإصرار....